Admin Admin
عدد المساهمات : 157 تاريخ التسجيل : 30/12/2012
| موضوع: حذاء المسعودي الخميس يناير 10, 2013 9:43 pm | |
| حذاء المسعودي
أشهر حذاء في التاريخ العربي هو حذاء ( أبو القاسم الطنبوري) وهذا الحذاء لم يكتسب سمعته هذه الا عن جداره وخياطة ورقع ومن كثرة النقل صار له شكل أخر ووزن ثقيل وصرير عجيب عند المشي أو اطيط عند السراع . التصق بصاحبه وصار ( الطنبوري) مضاف للحذاء حيث أصبح الحذاء عند الناس هو الأصل . حاول صاحبه التخلص منه دون جدوى فذا قذف به للبحر أرجعه إليه صياد وإذا تركه متعمداً في أي مكان فأولاد الحلال كتار , ويحضرونه له في رمشه غين ولاشك أن معظمهم يعرف مغامرات( الطنبوري) مع حذائه والذي أنتهي بأن ذهب للسلطان وأعلن براءته من هذا الحذاء. الخيال الشعبي في السودان أنتج قصة مشابه وحليف من اخبرني يمينا بحقيقة هذا الحذاء وما جره لصاحبه من متاعب , وكان واحد من سكان قرية ( السعودية ) المعروفة على طريق الخرطوم مدني. والمسعودي كان من فقراء مدنيته ويعمل حاليا حطاباً بأخذ فاسه ويذهب للغابات المجاورة ويحضر رزق عياله .. مرت السنوات والمسعودي يتحايل على حذائه الوحيد ( مركوب ) بشتى السبل حتى يبقيه على قيد الحياة ما من اسكافي في المدينة إلا وأضاف له رقعة فصار حذاء مميز له صرير عجيب أشهر حذاء في المدينة وصار واحد من معالمها ولما كثرت النكات والاستخفاف بالحذاء صمم صاحبه على استبداله وحلف على أن لا يعود للمنزل في ذلك اليوم إلا أذا وفر ثمن حذاء جديد, هذا يعني بالطبع عملاً إضافياً فوق العادة وبما أن ( المسعودي ) رجل يتبع القول بالعمل فقد ترك الحذاء بالقرب من شط النيل بنية تركه نهائيا ودخل الغابة ليحتطب والحطب أمامه والحذاء وسمعته السيئة خلفه ولا نامت أعين الجبناء ومر الزمن وتأخر ( المسعودي ) عن العودة للمنزل لأنه كما قلنا صمم على جمع كمية كبيرة من الخطب لبيعه وراء حذاء جديد ولما أفتقده أهل الحي ووجدوا حذائه بالقرب من النهر أيقنوا انه غرق وتجمهروا وبدئوا يبحثون عنه جثته وفتحوا البكا في المنزل وعند رجوع المسعودي ليلاً رأي جمهرة الناس بالقرب من البحر فسأل أول من صادفه أن شاء الله خير مالكم لامين في البحر ؟ فأجابه وسط الناس بالقرب من البحر ظنوه شبحاً فمنهم من رمى بنفسه في البحر ومنهم من هرب وكانت حكاية وتفهوا الأمر أخيراً. أصبح الصباح وأول ما فعله ( المسعودي ) بعد أن باع الحطب هو شراء حذاء جديد ( لنج ) وكان مزهوا به وأرسل حذائه القديم للجامع تبرعاً به لمن يحتاجه من ناس الحله أو ابن السبيل . وتصادف أن كان رجلاً غريباً يصلي في الجامع ولما فرع الجمع من الصلاة لم يجد الرجل حذائه وبحث عنه ومعه أفراد من الحلة دون جدوى وأخيرا وجدوا حذاء المسعودي الذي كان قد تبرع به للجامع فقالوا لابد أن ( المسعودي) لبس حذاء الرجل وترك حذاؤه القديم وذهبوا أليه فورا ودون أي كلام قاموا بخلع حذائه دون أن يعطوه أي فرصه للإعتراض وأحضروا الحذاء للرجل الغريب بإعتباره حذاءه بينما الرجل الغريب أعتقد أن القوم أكرموه بالحذاء الجديد عوضا عن حذائه المفقود وشكره وأنصرف. وهكذا رجع حذاء ( المسعودي ) لصاحبه يبتسم بخبث لا فكاك لا مهرب يا مسعودي ولكن ( المسعودي ) لا يستسلم قرر وضع نهاية لهذا الحذاء فحمله غاضباً وأتجه به نحو الخلاء يتبعه كبله وقام بحفر حفرة حتى ركبته ثم دفن الحذاء وأهال عليه التراب وظن أنه يذلك متخلص من متاعبه ولكن هيهات إذ أنه ما كاد ينصرف حتى أقبل كلبه وبدا يحفر بنشاط لاستخراج هذا الشيء المدفون وبالفعل أخرج الحذاء وحمله بفيه لإرجاعه لصاحبه وبينا هو سائر في طريقه للمنزل لمح ( كرته ) أمام أحد المطاعم فترك الحذاء وانشغل بالطعام وكان يوجد بالقرب من المطعم دكان بقاله قام اللصوص بالسطو عليه ليلا في الصبح حضرت الشرطة تنقب وتبحث ولسوء حظ ( المسعودي ) أن وجدوا حذائه الشهير بالقرب من المكان حيث تركه الكلب الليلة الماضية وتم القبض على ( المسعودي )وراح في سين وجيم ثلاث ليال حسوما إلا أن تم القبض على اللصوص وهم يبيعون المسروقات وجاء الشرطي لإطلاق سراح ( المسعودي ) لبراءته إلا أنه حلف أن لا يغادر الحراسة حتى يتم تحرير محضر رسمي يعلن فيه ب. عصمت عبد الجبار التربي نشرت بجريدة ألوان بتاريخ 13/7/1997
| |
|