كامل قواي العقلية !!!

اللغة في مجال القانون محدودة ولا مجال ( للبحبحة ) والاستطراد والمحسنات والمترادفات فهي توزن بميزان من الذهب , فمواعين اللغة القانونية لا تحتمل التوريه ومعنى قريب غير مواد ومعنى بعيد مراد كما يقول أهل البلاغة .
فكلمات مثل الشخص الطبيعي والشخص المعنوي , والرجل المعتاد وكامل الأهلية .. الخ كل هذا العبارات ذات ملدلول محدد لدى القانونين . غير أن هناك عبارة شائعة جداً عند المحامين الموثقين وهي مستعملة في مجال التوكيلات أكثر من أي شيء أخر .
فأي شخص يريد أن يوكل غيره فلابد أن يفتح كلامه بأني أنا فلان ( بكامل قواي العقلية ) وحالتي المعتبرة شرعاً قد أوكلت فلان لعمل الشيء الفلاني .
طيب يا سادة فأنا اعرف انك بكامل قواك العقلية كيف ؟ والله أحياناً تجد أنسانا يرتدى بدله ( فل سوت) ويقول لك آخر أن هذا الإنسان الأنيق ( فاطي سطر ) أطباء الطب النفسي أنفسهم لا يحكون على الشخص باختلال عقله إلا بعد الفحص والاستجواب فكيف ؟ يتسنى لي أن أحكم بان الشخص الماثل أمامي بكامل قواه العقلية.
دخل علي ذات مرة شاب ومعها الشهود لعمل توكيل وما أن جلس على الكرسي ووضع رجل على رجل حتى بدا يهز رجليه ويبرم شعره بصورة عصبية وبعد ما علمت انه يريد أن يعمل توكيلاً ترددت في كتابة عبارة بكامل قواي العقلية وقررت أن اختبره خارج نطاق التوكيل , تركت القلم وقلت له مازحاً إن شاء الله الفيضان والمطر ما ضراكم , نظر إلي وقال لي يا أستاذ مطر ولا ابر خارجنا بالله.
على كل حال لم تعجبني إجابته غير المهذبة وأوقفت العمل حتى دون أن أتأكد من انه بكامل قواه العقلية آو غيره , بيت القصيد أن كل من يظهر أمامنا لأي عمل نكتب انه بكامل قواه العقلية طالما كان سليم المظهر , أما إذا كان يعاني من انفصام أو اكتئاب فلا دخل لنا به طالما كان يدرك أفعاله , علما بان القاضي نفسه إذا شك في سلامة عقل المقر يحيله للفحص الطبي ثم انه بعد ذلك غير مقيد بالتقرير الطبي في إصدار قراره فالطبيب لا يكتب للمحكمة الحكم , اللهم أحفظ الجميع وأتمنى أن نكون كلنا بكامل قوانا العقلية وحالتنا المعتبرة شرعاً