ملوخية بالأرانب
أنا جعلي ( تقليدي) لا اعرف من الطعام إلا اللحم الأحمر واللبن الأبيض هكذا كنا قبل أن تغزونا الحضارة ونتعلم مطعومات أخرى مثل البيتزا أو الكتشب لفتح الشهية .
ولا شك أن الثقافة ( كلشر ) والمزاج العام هما المدخلان الرئيسيان لمسألة تباين أغذية الشعوب وطريقة تناولها وكلها خير طالما أنها ( تنبت اللحم وتنشر العظم ) إلا أنه من المؤكد أن طرقنا التقليدية في أعداد المائدة تتطور ببطء شديد ومزاجنا العام لا يتقبل الجديد بسهولة وربما كانت الحالة الاقتصادية المتعسرة أيضا نصيب في هذا الجمود.
وبالرغم من أننا ( رابطين ) في حتة واحدة زي ما بيقولوا أهل الخدمة المدنية والترقيات ونعتقد أننا ( اعف ) أهل الأرض في اختيار الطعام وتناوله بينما أي شخص غير سوداني تصيبه دهشة ورعدة حينما يرانا نأكل لحم الأحشاء نيئا ( مرارة ) وهي أساسا عسيرة الهضم وقد يكون بها ما بها من الكائنات الدقيقة غير المرئية التي تعيش في هذه المناطق .
وفي المرات التي أتيح لي فيها مشاهدة التلفزيون ( برنامج الأسرة ) لم أري خروج عن أنواع الأطعمة المألوفة وكان جديرا بخبيرات الغذاء والطبخ هؤلاء أن يحاولن الخروج من هذه الدوائر يمكن يا سادتي القراء أن أشير بكل ثقة لبروتين رخيص متوفر لدينا ونتجاهله ونعتبره أكل ( حلب ) ساكت وهو الأرانب أو الانارب كما يسميه إخوتنا في شمال الوادي .
طعم الأرنب لذيذ وأليافه سهله وهو متوفر جدا وارخص من أي لحم وإذا أراد أي شخص أن يكتفي ذاتيا فعليه بثلاث ( أجواز ) واضمن له في نهاية العام الجاري أن يكون لديه في منزله ما لا يقل عن خمسين أرنباً بالتمام والكمال تسرح وتمرح وطبعاً لا نعرف منه إلا( الملوخية بالأرانب ) لكن غيرنا يعرف منها أطباق كثيرة يمكن التعلم منهم يجب أن اشدد على كلامي هذا بعد أن أصبح اللحم البقري بالشيء الفلاني والضان لا أمل فيه كما اتجاه الناس إلى بدائل اخرى سوف يخفض أسعار اللحوم .
وكما قلت فان الانفتاح على ثقافة الآخرين الغذائية مهمة جداً في عالم تتناقض فيه الموارد الأولية يوماً بعد يوم وطبعاً ما عايز أبالغ وأقول ليكم كلوا الضفادع مثل أهل فرنسا آو الثعابين مثل أهل الصين دع عنك الطحالب البحرية المعروفة أو القرود كبعض أهل قارتنا هذه فلنبدأ بالأسهل وهو الأرنب الظريف والذي كاد أن يهلك استرالياً قبل مدة من الزمان عندما تكاثر وتكاثر فتصدى له الشعب والسلطة لإبادته وحتى اليوم يقومون بإبادته كل عام وعلى كل حال لحم البقر ذاتو بقى ما مضمون بعد أن جن جنونه وأصحاب المطاعم الشعبية يجب أن يكونوا أيضاً مبادرين بتقديم لحوم الأرانب وإقناع زبائنهم بها بدلا من ( الباسم ) المكشر على طول .
عصمت عبد الجبار التربي
نشرت بجريدة أخبار اليوم 17/5/1996