عفريت السينما...

عفريت السينما
قبل عقدين من الزمان كان الشباب غضا والعضلات ( تبش) عندما كنت عائداً من سينما ( النيلين ) بالديوم الشرقية وحدي من العرض الثاني وقد تجاوزت الساعة الثانية عشر, اليدوم مدينة هادئة وأهلها يعرفون بعضهم البعض ويتسامرون أمام المنازل والفسحات حتى بعد منتصف الليل , والأمر هكذا لا يشعر الإنسان بأي وحشة وهو يزرع الطريق إلى منزله , وهكذا كنت أسير في دعة وهناء عندما لاحظت في إحدى زوايا المنازل وأنا متجه نحوه أضواء نار مشتعلة ظننتها حريق للأوساخ قام به شخص ما في الشارع , ولكن عندما أكملت اللفة وأصبحت أمام النار مباشرة , تسمرت قدماي وسمعت ضربات قلبي كنوبة المولد , وشعرت بأنفاسي تتوقف , وسط النيران المشتعلة كان هناك مارداً يقف في قلبها والنيران تتطاير من حوله وكان ظهره لي , أقتلعت أرجلي بصعوبة وبدا لي أول الشارع بعيداً جدا ولا أدري كيف تحركت , ولكنني وجدت نفسي على مسافة معقولة من النيران وأختفيت في الشارع الثاني وأنا أبسلم وأحولق وأردد سلاماً قولاً من رب رحيم , والغريبة واصلت السير بأعتياد شديد ونمت فور وصولي .
عندما ذلك للرفاق صباحاً ضحك أحدهم وقال لي أنه ذات مره كان عائداً من السينما وطاردته ( غنمايه ) وكانت مربوطه بجنزير يسمع له صليل , إذا توقف توقفت الغنمايه واذا تحرك تحركت معه , اذا جرى جرت خلفه واذا ( جك) ( جكت ) معه وهكذا حتى أوصلته المنزل .
لا نشك لحظة في وجود مخلوقات أخرى في هذا الكوكب تشاركنا وتزاحمنا فيه بقدرةالله , وكل يعيش في مجاله , والجن أمم مثلنا وأكثر عدداً , منهم الكافر ومنهم المسلم , وسيدنا سليمان هو الذي سخرت له الجن , أما أي شخص آخر يحاول التقرب إليها بإفتعال تعاوزيذ محرمة فإنها تقوم بخدمته إلى حين وتكون عاقبته ( وبال عليه ) ويقول مصطفي عاشور في كتابه عالم الجن أسراره وخفاياه (( والشيطان ذو نفس خبيثه اذا تقرب إليه صاحب العزائم والأقسام وكتب الروحنيات السحريه بما يحبه من الكفر والشرك , صار ذلك كالرشوه له , فيقض له بعض أغراضه , ولابد أن يكون الإنسان قد خالف كتاب الله بما يرضي الشيطان.
واللواء معاش مرتضى احمد البكري أبو حراز أصبح ذو باع طويل في هذا المجال , دخله بالعلم والتجرد , أستمعت إليه في أكثر من محاضرة , في حديثه إلاذاعي مع اللواء والإعلامي أحمد عبد الكريم أوضح كثير من الحقايق حتي الذين يدعون أنهم يحرقون الجن ,أبان أن هذا خطأ ولا يجوز قتلهم أو حرقهم لأنهم مخلوقات الله , وأضاف أنه في حالة تشكل الجن في أي صورة أخرى مثل الكلب أو الثعبان فإنهم في هذه الحالة يخضعون للقوانين والنواميس التي صاروا علي صورتها أي يمكن قتلهم ما لم يستطيعوا أن يفروا من الصورة التي تشكلوا عليها.
وركز بصفة خاصه على المشعوذين الذين يدعون أن بمقدورهم تحويل الألف الى مليون من الجنيهات ومقدرتهم الهائلة في لإقناع ضحايهم الذين يصبهم الطمع والغريب أن بينهم متعلمين ومثقفين , وبهذا أدعوا أبو حراز لتكثيف نشاطه من خلال الصحف والأجهزة الإعلامية لتوعية الناس وتبصيرهم أكثر وأكثر.
وأذكر عندمات كنت أعمل وكيلا للنيابه بالخرطوم جنوب تعاملت مع بلاغ المتهم فيه من غرب أفريقيا ويرتدي كثيراً من ( الحجبات ) قتل شاباً صغيراً لأنه سب الدين وكان ذلك بالسوق السعبي وظل الرجل مهتاجاً يحمل السيف ويهدد الموطنين وأطلقت عليه الشرطه عشرات الطلقات كانت تتدحرج على جسده المنيع دون أن يتأثر بها مما أضطرهم لصدمه بعربه للسيطره عليه وحتى في المستفي لم تستطع أبره الطبيب أن تخترق جسمه , وفي تفسير الظاهرة ذكر المرحوم د أبو حسبو الذي كنت أستجوبه كشاهد خبير , في محاولة منه لتفسير هذه الظاهرة أن هناك أشخاص تحيط بهم هالة مغنطيسية تشكل لهم حماية في حالة الخوف وغير ذلك
وقد كانت بحق قضية مثيره دفعتني للإهتمام ومطالعة كتب الباراسيكولوجي حفظ الله عزيزي القارئ من كل شر وإلى لقاء آخر.
نشرت بجريدة أخبار اليوم بتاريخ : 5/5/1996