Admin Admin
عدد المساهمات : 157 تاريخ التسجيل : 30/12/2012
| موضوع: قضية في الذاكرة الخميس يناير 17, 2013 9:38 pm | |
| قضية في الذاكرة الليل يتساقط على الرمال , والهدوء يكسو ( المنتزه) الواسع الذي يتوسط أحد المربعات بمدينة الصحافة بالخرطوم , مرسال الموت لا وقت له , لا عمر له , لا عذر له , الشابة اليافعة , والزهرة النضرة ذات الستة عشر ربيعا أنى لها أن تتخيل أن الموت يتربص بها , وقد خرجت من مزلها إلى أحد المعاهد المسائية للتزود بالعلم , كان برفقتها أحد الأقرباء , في طريقهم معاً للمعهد يتجاذبون أطراف الحديث وأحلام الشباب , عندما برز شبح أسود يعدو كالريح المسرح كالأتي . وصلت الشابة الصغيرة ورفيقتها حتى منتص المنتزه , في بداية كان هناك شابان يسيران , أحدهما يعمل بالميكانيكا , عندما تجاوزها الشبح الاسود وهو يعدو قال أحدهما للآخر ( الزول حيهجم البنت ) لم يقصد أطلاقها أن يسدد لها طعنه نجلا , قاتلة أنا أراد أن يقول أن أنه سوف يفاجأها بعدوه السريع من خلفها وتجاوزها , ولكن هل تجاوزها ؟ ليته فعل ولاكنه بكل قوة أندفاعه وحقده الأعمى دفن في ظهرها خنجراً ذو حدين , الألم الصاعق أخذ الضحية وسقطت فوراً في بركة من دمائها , الكلمة الوحيدة التي أستطاعت أن تنطقا هي ( أنت منو ) التقرير الطبي يذكر أن السكين أخترقت الظهر حتى الرئة مما عطل تنفس المرحومة , وأفاق مرافقها من هول الصدمة وأخذ يطارد المتهم ومعه الشابان الآخران , ولكما أزدادت المطارده كثر عدد المطاردين , حتى أطبقوا عليه , عاش الحي أياماً حزينة حزنا على فراق الزهرة الجميلة , التي كانت محبوبة من الجميع لسلوكها الطيب ومجاملتها . وضع ملف التحري أمامي لاصدر التوجيهات اللازمة حيث كنت أعمل وكيلاً للنيابة بمنطقة الخرطوم جنوب , كان السؤال الملح بالنسبة لي ماهي دوافع الجريمة ؟ لماذا قام المتهم بما قام به فالسلوك الانساني يقف وراءه دائما دافع ما , إما مادي أو عاطفي , أو اخلاقي أو أي شيئ آخر, رغم ان القانون عند الادانة لا يلتفت للدوافع اذا كانت نبيل هاو وضيعه , فالطيب الذي يعطي حقنه قاتلة لمريضة لاراحته من الآلم لا يرجى شفاؤها مثل من يقتل لتحقيق أي هدف غير قانوني , اذن ماهو دافع المتهم لارتكاب جريمته , وهل كان يترصد الضحية واختار الوقت والمكان ؟ المهم طلب من رئيس المباحث الجنائية بالقسم المساعد محمد الزبير وهو رجل مشهود له بالكفاءة وخبرته بالمنطقة التي يعمل بها أن يبحث عن دافع هذه الجريمة , وخلال أربعة وعشرين ساعة أحضر لي شخص صاحب حافلة كان قد تقدم لخطبة الفتاة ولكنها رفضته , فربما كان هو الذي حرض القاتل , ولكن سرعان ما اكتشفنا براءة الرجل الذي حز في نفسه أن يوجه اليه الظن من الشك ثم احضار الكلب البوليسي المسمى (( أسكاي )) وشم السكين الملطخة بالدماء , وتم وضع المتهم وسط عشرة آخرين , تستطلع الكلب أن يخرجه ثلاث مرات وان يمزق ملابسه دون ان يكترث له المتهم , فالكلب مخيف حقاً وضخم وشرس وعادة ما يصرخ المتهمين بابعاد الكلب عنهم , أما المتهم المذكور فكان يبتسم ما جعلني اشك في قواه العقلية وهو بالمناسبة من ابناء الاقليم الجنوبي ولا يجيد اللغة العربية وكان يسكن غي عمارة تحت التشييد بالقرب من سكن المرحومة والقضية من الناحية القانونية تعتبر بسيطة وواضحة , وتوفرت فيها بيانات كافية , الا ان المحكمة لم تستطيع ان تتأكد من عمر المتهم , فهو لا يحمل شهادة ميلاد ولا يعرف متى ولد , وعلامات البلوغ ايضا كانت غي واضحة ورجع القومسيون الطبي ان يكون عمره حوالي سبعة علما , والقانون ياطلب ثملنية عشر عاما للمسئولية الجنائية وهكذا لم تستطيع المحكمة ن تحكم بالاعدام ولا ادري ما اذا ابدت المحكمة العليا محكمة الموضوع ام نقضت الحكم حيث كنت غادرت الكرسي الى موقع اخر 10/7/1997 الوان
| |
|