رضا المريض عن العملية الجراحية هل يعفي الطبيب من خطئه الطبي ؟.docx

كل مريض يذهب لأجراء عملية جراحية سواء في المستشفيات الحكومية أو الخاصة يقوم الطبيب باستكتابه إقرارا بأنه موافق على إجراء العملية ما هي الحصانة التي يوفرها رضا المريض بإجراء العملية الجراحية للطبيب ومدى إعفائه عن خطئه المهني ؟.
عندما نتحدث عن رضا المريض فالمقصود بالطبع الرضا الصحيح حسب تعريفه القانوني الخالي من الخطأ في الفهم الإكراه أو التدليس وان يكون بالغاً ( رضا الولي في حالة القصر ) وانه يكون مانح الرضا مالكاً لقواه العقلية والنفسية فالرضا هو القول المبني على تحكيم العقل الحر في التفكر بالأمور , ويجب أن يكون الرضا معتبرا قانونا فإلاجهاض مثلا غير جائز حتى ولو رضيت به المرأة غإا إذا كان مبررا قانونا لإنقاذ حياتها ويمنع القانون كذلك الدفع بالرضا على الأفعال التي تسبب الموت أو الأذى الجسيم حتى لو تحققت جميع شروط الرضا وهو ما يعرف بقتل الرحمة ويعد موت الرحمة عند فقهاء الشرعية الإسلامية قتلا عمداً يوجب القصاص .
وعلى كل حال إن رضا المريض أو ممثله الشرعي بمباشرة الطبيب لعلاجه يعتبر شرطاً أساسياً من شروط إباحة عمل الطبيب وتقرير مشروعيته فالطبيب ليس مسلطاً على أجسام المرضى بل أنه مفوض في علاجه إذا دعي لذا فليس له ممارس مهامه العلاجية قبل الحصول على الإذن من مريضه أو من وليه أو ممثله الشرعي فيما أن كان المريض قصرا أو في حالة غيبوبة وغير قادرا على التعبير عن أرادته ويترقب على ذلك أنهلا يجوز أرغام المريض على علاج معين أياً كانت نتيجته وأيا كانت درجة خطورة حالة المريض الصحية كقاعدة عامة .
وقد جرت العادة ألا يقوم الطبيب الجراح بإجراء عملية جراحية غإا بعد الحصول على إذن صريح أو موافقة تحريرية من المريض أو ممثله ولكن ماذا عن حالات حوادث المرور مثلا حيث يكون المريض فاقد الوعي وفي حالة خطيرة ولا يوجد ثمة من يمثله في تلك اللحظة في حالات الضرورة فإنه لا مناص من مباشرة الطبيب لعمله من دون الحصول على موافقة مريضه
لقد أصبح مبدأ الرضا المتبصر للمريض من الموضوعات الهامة في علاقة الطبيب والمريض ويعني هذا المبدأ أن على الطبيب أن يوضح للمريض المعلومات الأساسية والكافية حول حالته الصحية والأعمال التي يقترح تنفيذها سواء ما يتعلق بالتشخيص أو العلاج أو وسيلة التنفيذ والمضاعفات والألأم المحتملة حتى يستطيع المريض أن يختار ما يراه محققاً لمصلحته وأن يكون الرضا مستنداً إلى انه عالم بحقيقة حالته الصحية وبنوع العمل الطبي المراد تنفيذه ويعترض البعض على انم بدا الرضا المتبصر قد لا يتفق مع مصلحة المريض في بعض الحالات فالتعرف على حالته يعرضه لصدمات نفسيه أو إضطربات أخرى قد تؤخر العلاج
وعلى الرغم من هذه الإعتراضات إلا أن مبدأ الرضا المتبصر بإعتباره شرطا أساسياً لصحة الرضا الصادر من المريض هو الرأي السائد بين رجال القانون والطب .
ان إثبات الرضا كإشكالية قانونية يقع على عاتق المريض عب إثبات قيام الطبيب أو الجرح بإجراء العلاج والجراحة دون رضائه ويستخلص هذا الرضا من القرائن وظروف الحال وهذا في مجال الأعمال الطبية التقليدية
أما مجال الأعمال الطبية المستحدثة كعمليات زرع الأعضاء فإنه غالبا ما يشترط أن يكون الرضا الصادر من المريض صريحا وكتابيا ومع ذلك فإن عب إثبات رضا المريض باجرا ء عملية الزرع يقع على عاتق الجراح لأنه يبرر به مشروعية المساس بسلامة جسم المريض وتكامله الجسدي فعليه تقديم الدليل الكتابي على رضا المريض بتدخله الجراحي .
وخلاصة القول في كل ما ذكرناه في شروط الرضا هو حرية المريض في اختيار التدخل الطبي والجراحي أو رفضه , فهو وحده من يملك تحديد ما تستوجبه مصلحته ويجب استبعاد الضغوط العائلية التي من شأنها التأثير على حرية المريض في إتخاذ قراره خاصة إذا كان الأمر يتعلق بإجراء عملية من العمليات المستحدثة ويستثنى من مبدأ الرضا حالات الاستعجال والضرورة وفقدان الوعي أو عدم وجود من يمثل المريض شرعا كما يستثنى من أيضا حالات التطعيم الإجباري ومقاومة الأوبئة والأمراض المعدية .
نشرت بجريدة الشبيبة العمانية بتاريخ 3/ يونيو 2004 م