Esmat Elturabi
عدد المساهمات : 59 تاريخ التسجيل : 17/01/2013
| موضوع: نرفض العدمية والعبث الخميس يناير 31, 2013 10:15 pm | |
| نرفض العدمية والعبث في عدد الخميس6/ ديسمبر 79 قرأت مقالا للأخ محي الدين وهو يدور حول مقالتي السابقة عن مسلسل" الحراز والمطر" للأستاذ هاشم صديق وبالطبع نحن لسنا في حاجة لأن يذكرنا الأخ كاتب المقال بأصالة أعمال هاشم صديق فهذا شيء مفروغ منه , فقد عرفناه إبتداء بقصة ثورة وانتهاء بالرحلة مروردا بكل شوامخه المسرحية الإذاعية وأنا شخص شخصيا معجب بكل ما كتبه الأستاذ هاشم صديق وما سيكتبه مستقبلا لأنني أعلم أنه فنان ملتصق تماما بهموم الجماهير ومعبرا عن ألآمها وتطلعاتها . وفي تحليل لمسلسل الحراز والمطر كنت موضوعيا وألتزمت جانب الحيدة رغم إعجابي بالكاتب فالمسلسل كما ذكرت يعتبر راوية تحليلية من الدرجة الأولى فهو من يهتم كثيرا بالبعد الثالث للشخصيات , وهذا النوع من الكتابة لا يتأتى إلا لشخص يملك تماما زمام الكتابة , وأذكر أنه أثناء عرض المسلسل ومن الحلقة السادسة بدأ نقاد الأعمدة الفنية يطلقون سهامهم عليه فاتهموه بالخصوصية وان صوت التليفون أزعجهم وغير ذلك من الإسفاف , فكان رد هاشم صديق عليهم أن طالبهم فقط بالتريث حتى انتهاء حلقاته ليحكموا عليه غير لن صمتهم طال بعد ذلك وبالنسبة لما ساقوه بان المسلسل من الصالونات فقد ذكرت أن " سلمى " تنتمى لطبقة معينة قد لا تستجهن سلوكها المخالف للعرف كل ذلك أو جزته بطريقة مصغره ولم يعجبني موقف أستاذ عصام بطل الرواية من أصدقائه فهو يعتبرهم جحيمة ومن ثم كنت قد تطرقت إلى الآثار السلبية التي قد نتركها مثل هذه الأفكار على المثقفين وما زالت عند رأي بان كثيرا من كتاب الغرب الذين دفعتهم ظروف مجتمعهم الصناعي إلى الأفكار العدمية لا تصلح لمجتمع نامي مثل مجتمعنا ومن الأجدر للكتاب هنا عدم مجاراتها. يقول " تولستري " في نظريته المعروفة العدوى " أن العدوى هي الطابع المميز للفن ودرجة الأعداء هي المقياس الوحيد للفن " وإذن يجب التعامل مع هذه الأفكار الواردة إلينا بحذر وإختيار ما يصلح منها وإضافته لتراثنا وتجنب ما لا يفيد منه , أن الكتابة التي تأتينا من الغرب فيها إبداعات برغم تكوينها في تركيبه إجتماعية غير سليمة والمذاهب الفنية المنطوية تحت راية الفن للفن تنادي بتوظيف الفن لصرف الإنسان عن حب الحياة والإيمان بها . وقد ترجم الأستاذ عبد الرحمن الخميسي قولة صمويل بيكيت المسرحي " وما الفرق بين يوم ويوم " ولدنا في يوم ونموت في يوم غن النساء تلدنا جالسات على حفرة القبر فيلمع الضياء برهة ثم يهبط الليل من جديد " تامولا اليأس والظلام في هذه الكلمات وهل نحن بحاجة إلى الشعور المرير بالتدهور أو نحن بحاجة أحساس التقدم والانتصار ولقد قرأت مسرحية صمويل بيكيت وفي انتظار جودو وهي مجرد تصوير اللامعقول وقد قيل لبكيت ماذا تقصد بجود فأجاب " لو أنني عرفت لقلت هنا في مسرحيتي " انتهى . هذه الجوانب السلبية التي عنيتها في الأدب الغربي , وعند شخص واحد مثل سارتر نجد ما نريده وما لا نريده , وكذلك بقية الكتاب ويكفى أنني كنت قد استشهدت في بداية مقالتي عن الحراز والمطر بإحدى مقولات " يمون دى بوفوار" فانا لست عدوا للرواية الغريبة كما توهم الكاتب ولا أدرى لماذا يدافع كاتب المقال عن مدارس العبث واللامعقول والسريالية وغير ذلك من الاتجاهات المشابهة وإبرازه لبعض المفكرين العرب لتدعيم أقواله أو يثبت لنا أن الحياة كريهة لا تستحق أن تعاش وان الموت هو اكبر انتصار على الحياة واستشهد بأقوال اثنين من الشعراء أبو العلا و لبيد ليثبت مقولته ونسى قوله المعري المشهورة :- فلا هطلت على ولا بأرضي سحائب لم تنتظم البلاد كذلك حكم لبيد التي أثرى بها الحياة , وعلى كل كانت تلك مواقف شخصية وليست مدارس منظمة مثل التي ظهرت الآن في الغرب أما توفيق الحكيم فقد كتب يوميات نائب في الأرياف التي تحكي التخلف الشديد في الريف واستغلال الموظفين للوضع السائد هناك قبل أن يكتب " يا طالع الشجرة " ونجيب محفوظ قرانا له أولا الثلاثية وزقاق المدق وغير ذلك من الأعمال الواقعية قبل أن تقرا له تحت المظلة , الرمز واللامعقول والطيب صالح قرانا له عرس الزين وموسم الهجرة إلى الشمال قبل أن نقرا " بندر شاه " الغارقة في الحلم والأسطورة أنني أعنى مما سبق انه يجب علينا أولا أن نثرى الواقع فمشا كلنا لا حصر لها الجشع . الهجرة من الريف. التنمية العلاقة الجديدة بين الرجل والمرأة الخ . فلنبدأ بهذه المواضيع ثم نبحث بعد ذلك عن العبث واللامعقول تلك المدارس التي نتجت عن تراكمات فكرية وعن آثار الحروب العالمية وعن الإحساس بالضياع في المجتمعات الرأسمالية . إن الفن والأدب من أخطر وسائل التاريخ فكتاب يضعه رجل واحد قد يغير مجرى الحياة أننا هنا ولحد كبير نوظف الفن للحياة وليس الفن للفن الذي يؤمن به الغربيون فنجد الرقابة على الأفلام ولجان النصوص وغير ذلك وليس في هذا حجر على الإبداع بقدر ما هو توظيف له . فالفنان يجب أن يساهم في بناء مجتمعه لا في هدمه , أن أعمال " برتولد بريخت " الواقعية تدحض أقوال الذين يحاولون أن يجردوا الأدب الواقعي الهادف من كل قيمة فنية , فمثلا في مسرحية " القاعدة والاستثناء " نجد كيف أن الخوف وانعدام الثقة في الناس يقضى على كل عاطفة كريمة . ثم لماذا الإصرار على الغرب وحضارة الغرب , هناك في الشرق اوجد شوامخ الأدب الروسي وهي روايات إنسانية خالدة فالكاتب المقال أن يطلع عليها أما قولي المخجل والمضحك على حسب تعبيرك والذي ليس من النقد في شيء عن شعار " اليوت " فانا قد ذكرته ضمن كتاب الغرب المتشائمين الذين يضيقون بالحياة والقصائد التي ذكرتها " الأرض الخراب " و " الرجال الجوف " بالذات تمثل هذه المرحلة البدائية من شعرة المتبرم وعلى كل حال فقد اجمع النقاد على أن الرجل عبقري رجعي مكانه الطبيعي عصور الإقطاع . أنني بالطبع لا ادعوا لأدب سوداني مشلخ كما قيل في فترة ما , ولا أدعو للانغلاق والتقوقع التام . ولكن مع تعاملنا مع الآداب العالمية نختار ما يصلح لبناء مجتمع . مجتمع سليم ومعافى . نشرت بجريدة الإذاعة والتلفزيون بتاريخ:-20/12/1997
| |
|