Esmat Elturabi
عدد المساهمات : 59 تاريخ التسجيل : 17/01/2013
| موضوع: وقفة عند مضمون الحراز والمطر الخميس يناير 31, 2013 10:16 pm | |
| وقفة عند مضمون الحراز والمطر التراث الناضج لهاشم صديق شدني لمتابعة مسلسل " الحراز والمطر " طيلة شهر رمضان لقد أستطاع المؤلف أن يقدم رواية تحليلية من الدرجة الأولى ولفت الأنظار إلى جانب هام ومهمل تماما من جانب الكتاب والمؤلفين في بلادنا وهو تناول شخوص الرواية بالتحليل النفسي العميق فمثلا " سلمى " و" أستاذ عصام " يقفون الآن أمامنا مجردين من كل الأقنعة واستطعنا أن نرى " الشريكة " و " والوساخة " الجواهم على حد تعبير الكاتب . والسؤال المطروح هل إذا سقطت المرأة ندوس بإقدامنا باعتبارها قد انتهت أم نعطيها فرصة أخرى ؟. تقول الكاتبة الوجودية " سيمون دي بوفرا " المرأة التي تسقط حتى عن نفسها أما السقطة الثالثة فتنظر إليها بعين الكبر والتحدي فلا نحفل بإخفائها عن احد إن هذا يفسر تماما ضعف " سلمى " الشديد وخوفها أمام " مصطفي " الذي سقطت معه للمرة الأولى . إنه يهددها بإفشاء سرها إنها تخاف أن يعرف الناس حقيقتها , حتى أنها تخاف أن تنظر إلى داخلها فسيستثمر " مصطفى " هذا الخوف يمتص دمها باستمرار إلى أن تجد من يقف بجانبها ويدعمها فتحدي مصطفى والناس كلهم بل أن رغبتها الصادقة في إصلاح حالها جعلتها تقطع صلتها بصديقاتها وتتخلى عن عادات كانت قد اكتسبتها من مصطفى ومعهن . ويبقى السؤال هل نغفر " لسلمى " ونضمها ألينا بعد التأكد من أنها قطعت صلتها بماضيها وصوت " سلمى " المجروح يتردد حارا بيننا أن هناك كلمة واحدة فقط يستعملها المجتمع معها ؟ ونلاحظ أيضا أن هاشم صديق حصر المثقفين وهمومهم في نطاق ضيق جدا فهم يجلسون على الكراسي تتوسطهم زجاجات الخمر يشربون وينمون ويحلمون ولم يتناول أي جانب إيجابي فيهم . إن المثقف في مجتمع الثورة يجمل هم التغيير الاجتماعي قبل أي شيء وفي أسوا الفروض لا يمكن أن نجد شخصا لا يهتم إطلاقا بما يجرى حوله مثل ما كانت تفعل الشلة في" الحراز والمطر " تغرق همومها واحباطاتها في الخمر وتحلم بالمستحيل ولا تفعل شيئا . وهناك أيضاً صورة قائمة غير هذه فما يكاد بطل الرواية أستاذ عصام يضع السماعة بعد أي محادثة مع اصدقائه إلا وتجد سبب وتجريحا عليهم كأنما الأصدقاء مجموعة من أعداء تلبس ثوب الصداقة , هذه الصورة الغيرطيبة لم أكن أريد للكاتب أن يروج لها أنا لا ألوم الأستاذ هاشم على ما يعتقد بحكم تجربته التي أفرزها ولكن مما لاشك فيه أن لمثل هذه الأفكار السلبية تأثيرها غير الملتقى لاسيما إذا كان معجبا بالكاتب أننا للأسف متأثرون أكثر من اللازم بكتابات " كافكا " اليوت " " كولن ولسن " وغيرهم من كتاب الغرب الذين دفعتهم ظروف مجتمعهم الصناعي إلى فكرة عدم الإنتماء وأن الآخرون هم الجحيم وان الفرد يعيش غريبا في مجتمعه لا أوافق على هذه الأفكار الضارة بمجتمعنا المتماسك المتسامح المشدود غلى بعضه كالبنيان المرصوص لاسيما ونحن نتجه نحو الاشتراكية التي تلغى روح الفردية والأنانية وتدعو للعيش في تكافل . وبالرغم من أن هاشم صديق يقلل من دور الصداقة بل كياد ينكرها تماما إلا أن الحب يبقي هو الملاذ الوحيد في عالمه المضطرب فالحب والحياة اقوي من الموت " كما تقول صفية زوجة عصام محمود وهي تحتضر والأستاذ عصام ينصح سلمى بان الحب هو العلاج الوحيد لمشاكلها ويفضله على الطبيب النفسي ليحل " شريكه سلمي" التي كانت تردد دائما لسانها (والحب زي الحراز والمطر أصلو ما بنتلم ) ولقد أتهم " الحراز والمطر " بالخصوصية وإنها من الصولونات وبالرغم من وجود بعض الصور الخاصة : مثلا دخول سلمى المنزل في الساعات الأولى من الصباح وهي سكرانة. فمثل هذه الصورة غير مألوفة بتاتاً في فتاتنا السودانية غلا انه يجب أن نلاحظ أن سلمى تنتمي لطبقة سمعيه قد لا تستهجن " جداً " سلوك سلمى " فهي وصديقاتها الخمسة يجتمعن للرقص والسكر وتدخين السجاير ., فسلمى ليست وحيدة في لسوكها . أما عن التمثيل والإخراج فقد كانا رائين كما أداه " أبو عركي " كان يهيئ النفوس للأصفاع وأعجبني من التمثيل " دور فوزية يوسف " وهي تحتضر على فراش الموت فقد كان أداؤها رائعا مؤثرا . 15/11/1997 بجريدة الإذاعة والتلفزيون
| |
|